شاشة غامضة وصورة مضيئة، هكذا أدهش الحاسوب زيد لأول مرة قبل أكثر من 23 سنة، والذي لم يكن شائعاً آنذاك، ولم تكن تعلم والدته عندما بذلت جهودها لشراء ذلك الحاسوب أنه سيشكل مسار المستقبل لزيد، مستقبل يسعى لتشكيله بلغة البرمجة، لغة أدهشته ويسعى لفهمها بمثابرة قلّ نظيرها.
يبلغ زيد من العمر 38 عاماً اليوم، ويحمل درجة البكالوريوس في علوم الحاسوب من جامعة مؤتة، وبعد تخرجه في العام 2009، التحق بالعمل العام، وخلال مسيرة عمله الممتدة لـ 19 عاماً، عمل خلالها في المركز الوطني للأمن السيبراني، وهو ما أضاء شمعة شغفه الأصيل في البرمجة والتكنولوجيا من جديد، عادت الشاشة الأولى التي أدهشته من الصغر لتذكيره بطموحه، فعمل جاهداً لسنوات طويلة للبحث عن فرص تلبي طموحه بالعودة لمقاعد الدراسة، لكنه لم يتمكن… فعوائق الوقت والمسؤوليات لم تكن لصالحه.
وبعد مضي شهرين من قراره بأن يتوجه لهدف جديد بعيد عن البرمجة، وبعد حيرة كبيرة، يخبرنا زيد عن اليوم الذي شكّل التحول الكبير في حياته، اليوم الذي سمع فيه عن برنامج 42 عمّان، أحد برامج مؤسسة ولي العهد المختصة في البرمجة، حينما دعاه أحد زملائه لمحاولة حلّ لعبة تشبه اللغز على جهاز الحاسوب.
يقول زيد: “بدأت رحلتي في البرنامج عن طريق الصدفة، كان زملائي يحاولون حلّ لعبة تحتاج لمهارات في المنطق والذاكرة كونها تشكل مرحلة اختيار للانضمام لبرنامج مختص في عالم البرمجة، مما أثار استغرابي، وبالفعل تمكنت من حل اللغز، وعدت للمنزل لأحاول اجتياز الاختبار والتقدم للالتحاق، حتى وصلني خلال فترة قصيرة بريد إلكتروني بقبولي، وهنا بدأت الرحلة من جديد”.
وعند حضور زيد لمقر برنامج 42 عمّان ليستكمل متطلبات التسجيل، وجد أن المتطلبات هي فقط وجود الشغف والمثابرة، بدون أي أوراق أو حتى شهادات وخبرات سابقة، وأنه بإمكانه التعلم خلال وقته الخاص حيث تتواجد المرافق والمختبرات على مدار الساعة طوال الأسبوع، دون وجود مدرسين أو قيود زمنية، وأن التعلم يبدأ منذ اليوم الأول من الدخول إلى المختبر.
واليوم، اجتاز زيد مرحلة التقييم بنجاح، ويصفها بأنها كانت “بمثابة تحدي” بينه وبين عامل الزمن لاجتيازها، وهو الآن على مشارف الانتقال لمرحلة “المنهاج الأساسي”، ويكرس كل وقته لتحقيق أقصى استفادة من البرنامج يومياً.
وعن الخطط المستقبلية يقول زيد: “لدي هدفين رئيسين من انضمامي للبرنامج: أولهما الإجابة عن سؤال عجيب يلاحقني عندما رأيت الحاسوب لأول مرة، وهو كيف تمكّن الإنسان من أن يصنع صورة على شاشة أو أن ينقل الصوت عن طريق الهاتف؟ والآخر هو أن أكتسب مهارات تؤهلني لتطوير عملي الآني كما والتأهل لدخول سوق العمل العالمي”.
مؤسسة ولي العهد… مسارٌ للفرص.